إشكالية الوعي : البعد التجريبي النفسي


 

1)   البعد التجريبي – علم النفس التكويني

·       الوعي تركيبي أم تكويني؟

تضعنا هذه الكلمات أمام فهم لعملية الوعي بطريقة أكثر جلاء و استغرابا، فالوعي والإدراك لم يكن، بل أصبح في مرحلة معينة، و أنه أيضا كان مقتصرا على الحواس وغير معبر عنه إلا بضمير الغائب، و بعد سنين من تعلم اللغة استحال إلى وعي مكتمل بالتعبير عنه من خلال ضمير المتكلم. فهل الوعي تركيبي لمعطيات الحس و الفهم أم أنه تكويني ينمو  عبر مراحل النمو  لدى الإنسان؟

·       التطور المعرفي لدى الإنسان

اهتم جون بياجيه بتكون المفاهيم و كيفية بناء الذكاء لدى الأطفال، فقد قضى كل حياته للإجابة عن سؤال (كيف تنمو المعارف؟) مما دفعه للتساؤل حول كيف تولد المعارف؟ وما هي وسائلها؟ وكيف تتكون؟ من ناحية سيكولوجية و تربوية.

تعتبر نظرية بياجيه كنظرية في المعرفة، وقد طرح أولا المسألة كما طرحها كل من أرسطو وديكارت وكانط. بما أن المعرفة هي نتيجة عمل لفرد وكأنه جزء من العالم وله تاريخ وتطور طولي وعرضي، لذلك اعتقد بياجيه أن باستطاعته رؤية هذا الفرد في العمل، على مقعد المدرسة كما يرى الأبحاث العلمية من خلال تطورها العلمي عبر التاريخ، إنه حاول إتباع الطريق المعاكس للكوجيطو الديكارتي ، فانطلاقا من دراسة الواقع أراد الوصول إلى نوع من القوانين التي تحدد نمو وتطور المعرفة عند الإنسان.

إن تأثر بياجيه بكانط، جعله يقر بأنه لا يستطيع الفكر البشري أن يحفظ شيئا إنطلاقا من تجاربه، إذا لم يكن الدماغ موجه مسبقا للتكوين حسب قواعد وثيقة.

أوجد بياجيه الطريقة الكلينكية ـ العيادية والتي كونها من الطريقة التجريبية وطريقة الاستجواب الكلينكي التي يستخدمها علماء طب النفس، الشيء الذي جعله يكتشف أن المنطق ينمو تدريجيا وفق مستويات معرفية ومرحلية معين تمثل  أربعة مراحل معرفية لدى الطفل يصحبها تطور للذكاء:

1.    الفترة الحسية الحركية، تمتد من الولادة حتى السنة الثانية من عمر الوليد : يتعلم فيها الطفل فكرة الاستمرارية الأشياء وكذلك تنظيمها في العالم الفيزيقي وذلك من خلال المص (الرضاعة) ومسكه الأشياء و رميها...

2.    الفترة ما قبل الإجرائية من الثالثة حتى السابعة : يبدأ الأطفال خلالها معرفة الأشياء في صورته الرمزية وليس مجرد المعرفة القائمة على الأفعال الواقعية ويصبحون على وعي أكثر بتلك الأشياء التي عرفوها في المرحلة الحسية الحركية.

3.    الفترة الإجرائية المحسوسة من الثامنة حتى الثانية عشرة : وفيها يطور الأطفال قدراتهم على التفكير الإستدلالي، لكن هذا الاستدلال يبقى محدودا ضمن نطاق ما يشاهده الطفل، في هذا السن على الأشياء الفعلية و لا يصل إلىمستوى التجريد .

4.    الفترة الاجرائية الصورية من الثالثة عشرة إلى ما فوق: يتوصل الأطفال في هذه المرحلة إلى الاستدلالات عن طريق الاستدلالات الأخرى، يستطيعون القيام بعملية ما، بناء على ما توصلوا إليه في عملية أخرى ، أي أن تفكيرهم قد تسامى فوق حدود استخدام الأشاء كمحتوى وحيد في للتفكير إلى كون تمكنهم من استخدام إجراءات كمحتوى لتفكيرهم. (بتصرف من كتاب: موريس شربل، التطور المعرفي عند بياجيه، المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع ، الطبعة الأولى .1986).

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مشكلة الوهم و الإديولوجيا

الرغبة

إشكالية اللاوعي: البعد الواقعي و البعد الفلسفي والبعد النفسي